دع لوجودک معنى . .
جواد الخمیسی
تخیل أنک موجود عظیم و کبیر بالحجم و الجثة تعیش فی إحدى المجرات العظیمة البعیدة من آلاف المجرات المتواجدة فی الکون بکواکبها و نجومها ، و لدیک منظار عملاق غیر طبیعی ترى فیه الآفاق البعیدة ، تقرب عدسته بملایین السنوات الضوئیة نحو مجرتنا ، طیب لقد رأیتها الآن، لقد رأیت مجرتنا ،قرب أکثر ، هل ترى منظومتنا الشمسیة ، نعم ،هناک تلک النجمة البعیدة الصغیرة بضوءها الضئیل هی الشمس و حولها تسع کواکب صغار، قرب أکثر و أکثر کی ترى الکواکب التسع ، إحدى الکواکب تسمى الأرض ،و هی أصغر بملایین الکیلومترات من تلک النقطة الضوئیة الصغیرة التی سمیناها الشمس،نعم أنها نسبة بالکون کذرة رمل فی صحراء کبیرة.
و الغریب أن على هذه ذرة الرمل ، عفوا على هذه الأرض الصغیرة تعیش أیضا بعض
الذرات الصغیرة جدا ، و نسبة بکبر الکون لا نستطیع أن نقدرها بحجم الجسیمة
الواحدة لصغرها و کأنها لا توجد و کأنها عدم ،یختلف الحساب الزمنی لهذه
الذرات الصغیرة جدا عن حساب مجرتک التی تعیش فیها ، فمثلا کل ثانیة فی
مجرتک العظیمة العملاقة بمقابل قرن کامل من حیاة هذه الذرات ، فتخیل فی کل
ثانیة من حیاتک تولد الملیارات من هذه الذرات على تلک ذرة الرمل ، تتغذى ،
تتکاثر ، تتصارع بعضها مع بعض و تفسد و تسفک الدماء ، و أخیرا تموت
طبعا
من الطبیعی یا أیها الجثة الکبیرة لا تشغل بالک بالذرات لعدمیتها ،هی لک
بمثابة موضوع عابر ، لماذا یجب أن ینشغل فکرک بهذه الذرات التی لا ترى و لا
تسمع و فقط تولد و تموت بالملایین فی کل ثانیة من حیاتک...نسبة بک و بحجمک
و مجرتک العظیمة العملاقة حیاتها تافهة و عبثیة...
فلک لیس فقط موت ذرة واحدة بل موت کل الذرات على ذرة الرمل :
لم تکن أبدا خسارة...
و
لکن هل تعلم أن هذه الذرات من صنع صانع کل الکون ،خلقها من طین ، نفخ من
روحه فیها ، سماها إنسان ، جعلها خلیفة على تلک ذرة الرمل و فضلها على
العالمین و على تلک الصحراء و علیک و على مجرتک...
آها ...أمر غریب ، صح !! فضلها علیک و على کل الکون....
ما هذا السر ، لماذا فضل الخالق هذه الذرات على الکون و العالمین و المجرات و الکواکب ، و لماذا خلقها الخالق أصلا...
الملائکة سئلت الخالق فی هذا الأمر فأجابها
إنی أعلم ما لا تعلمون ...
ما قصة خلق هذا الإنسان ، الذرة الصغیرة ، هذه الجسیمة على ذرة رمل و الذی نفخ الخالق من روحه فیها...لا نعلم ....
فی
هذا زحام الصور و الخیال و التخیل و الصغر و الکبر و إختلاف الأزمنة و
قصرها و طولها و عرضها هناک قطعة جغرافیة صغیرة على ذرة الرمل التی ذکرناها
تسمى رامز و هی التی لها تاریخ عریق و قدیم بالحساب الزمنی للذرات..
عاشت
على القطعة ذرات کثیرة تتمیز عن غیرها و لها لونها و شکلها الخاص بنفسها ،
و قبل عشرات الأعوام الأرضیة و فی یوم معاهدة أرض الروم جاء حلف من الذرات
من القاجاریین و اللر و الروس و البریطانیین و العثمانیین فسلب رامز من
أهلها و قتل الکثیر منهم و ضمه تحت ملکه لیتغذى منها ...و کما تعلم و ربما
رأیت بمنظارک العملاق أن فی الکون هذا الأمر طبیعی جدا ، القوی یأکل
الضعیف...و الکواکب تأکل بعضها البعض و الحیوانات کذلک...
أما
العجیب أن هذه القاعدة لا تصح على الإنسان فی کل الوقت ، فإنه یجتاز هذا
القانون و یصنع المعجزات و المستحیل لأنه یؤمن بوجود الحق و الحقیقة
الذرات
السالبة التی ذکرناها مع قتلها لأهل رامز لم تستطع أن تمحی أهلها بالکامل
من الوجود ، فنظرت إلیها عائقا و عقبة أمام تغذیها الکامل من رامز لأن وجود
ما تبقى من الذرات الأهل و السکان الأصلیین هو دلیل على أن رامز مسلوبة و
لم یکن فیها حقا للسالبین...
فالذرات السالبة اضظرت أن تموه و تلون الذرات الأهل بطلاءها السالب کی تمکر و تضیع المجموعة الأهل و تذوب فی المجموعة السالبة...
فی ظنها تطبق قانون القوی یأکل الضعیف...و لکنها لم تفلح
لأن
هناک أحد أهل رامز الأصلیین سعى جاهدا لیزیل هذا الطلاء المزیف و یسترجع
لون مجموعته لها ،کی یتحدى القانون المذکور و یصنع المستحیل و ینجلی فیه
سببا من أسباب خلق الإنسان و العبادة..ز کی یثبت للعالم أن وجود الإنسان و
خلقه لم یکن عبثا و إنه خلیفة الله فی الأرض
هذا الشاب الذی عرف
عظمة خلقته إنتفض فی وجه الدیاجی و جاهد لینیر اللیل ، سعى و نشط و کرس
حیاته و وقته کی یوعی مجموعته بأنها فی مرحلة الحذف من الوجود و کیف
السالبین یطلونها بلونهم و یذوبونها فی مجموعتهم
إنتفض کی یسترجع
لونه و حقه و حقیقته و هویته ، و کی تسمعه کل الکواکب و النجوم و المجرات
بأنه لا یتنازل عن کرامته و عظمة خلقه و بأنه أعظم من أن یکون فقط مجرد ذرة
عدمیة على ذرة رمل و بأنه لا یتنازل عن حقه الإلهی و فطرته التی خلقه الله
علیها و کی یقول بأن هذه الحیاة القصیرة على الأرض لیست جدیرة بأن نخشى
غیر الله ...
باحثا عن کرامته و حیاة کریمة ساق الشاب فی یوم ممطر سیارته متجها إلى مدینة الأهواز ، لیوصل أخت
مدینة رامز( هوه نور), [05.03.17 10:35]
ه
التی حثها على تعلیم اللغة العربیة التی منعتها الحکومة الإیرانیة للتعلیم
المدرسی و فرضت التعلیم باللغة الفارسیة ، ذهبا جواد و أخته لیخدما لغتهم
الأم و یسترجعون هویتهم التی سلبت منهم ، و یزیلوا اللون المزور و التمویه
السالب ، ذهبت أخته لتعلم العربیة و الأخذ من ینابیع هویتها الحقیقیة و ذهب
هو لیخدم العربیة و العروبة و الهویة و المرأة و المدینة و الإنسانیة.
جواد
خمیسی الشاب المهذب ، الودود ، الذی جعل کل وقته و همه لأهله و وطنه ، من
أکبر نشطاء الأهواز و مناضل حر من مدینة رامز العربیة ، قام بفعالیات عدیدة
ثقافیة و هوویة رغم کل المضایقات و المطاردات و الإعتقالات خدمة لعروبته و
أهله و حقه
رجعا هو و أخته من مدینة الأهواز من صف تعلیم
اللغة العربیة الشعبی و الغیر حکومی ، متجهین إلى رامز فی شهر فبرایر فی
الیوم العالمی للغة الأم ، فی ذلک الیوم الممطر، فاستعرضت طریقهم شاحنة
انحرفت عن الطریق فذهب إلى جوار خالقه کی یصبح شهیدا للعربیة و الإنسانیة و
مقاومة الشر و کی یثبت لنا أن هذه الحیاة تصبح عبثا لو لا الکرامة و
المبادئ و الصلاح و الإلتفاف بفطرتنا الإلهیة و ذاتنا الإنسانیة و ناضل
جواد کی تکون حیاته عبادة حقیقیة لخالقنا العظیم تتجلى بنضاله و تحدیه و
مقاومته للظلم و کی لا یبقى ذرة صغیرة فی الکون فقط تتغذى و تتکاثر
رحمه الله و خلده فی جناته إن شاء الله
موته لثمة فی النشاط الأهوازی
فبه عرفنا أن موت بعض الناس خسارة
"خسارة لا تعوض"
إنا لله و إنا إلیه راجعون
الکاتب : ذرة من مدینة الأهواز
- پنجشنبه, ۲۶ اسفند ۱۳۹۵، ۱۲:۴۴ ق.ظ